إيريك جونسون، رئيس مجلس إدارة مشروع اسفير
في ما يلي مقابلة أجريت مع إيريك جونسون، رئيس مجلس إدارة مشروع اسفير، يستعرض فيها التطورات الحديثة والمستقبلية في المشروع ويتحدث عن الأسباب الداعية للسعي نحو تحقيق “مزيد من الاتساق” بين المعايير الإنسانية وطرق القيام بذلك.
بداية أود القول أن مشروع اسفير في وضع ممتاز ويشرع في مرحلة مثيرة للاهتمام. فمنذ عام، قمنا بإطلاق الطبعة الثالثة من – التي تعرف باسم دليل اسفير- التي لاقت ترحيباً واسعا من المجتمع الإنساني في كل أنحاء العالم.
إن عدد الترجمات المتوفرة حاليا وأرقام المبيعات وعدد مرات تنزيل الدليل من الموقع الإلكتروني- جميعها تشير إلى أن هناك طلباً كبيراً على الدليل. وفي الوقت ذاته، يتم عقد في مختلف أنحاء العالم.
هذه إشارات مشجعة للغاية بكل تأكيد. ونحن فخرون أشد الفخر بالمدخلات التي أسهمت بها مئات المنظمات والأفراد في هذا الدليل.
تأتي الطبعة الجديدة من الميثاق الإنساني في وقت له أهمية خاصة في تاريخ العمل الإنساني، فهناك حاجة أكثر من أي وقت مضى للمبادئ التي يجسدها الميثاق.
في الوقت ذاته، تنعكس القوة المؤسسية لمشروع اسفير من خلال اتفاقات المُرافقة التي أجريت مع مبادرات المعايير الإنسانية المُكملة لمعاييرنا في مجالات .
بكلّ تأكيد! يعكف حالياً مشروع اسفير على إعداد دورة تعليمية إلكترونية تتيح بشكل مستقل للمهتمين ببرنامج تدريب طموح خاص بمبادئ ومعايير اسفير.
تهدف الدروس التعليمة الإلكترونية إلى أن تكون مُكملة لطرق التدريب التقليدية مثل ورش العمل. وسوف تتيح للعاملين والمتطوعين في القطاع الإنساني التعلم عبر خبرة تفاعلية تشمل حالات معقدة وصعبة ومعضلات من تلك التي تواجه العاملين في الميدان.
فنحن متحمسون جداً ونتوقع طلباً هائلاً على أداة التعلم الجديدة هذه التي ستكون متاحة على الموقع الإلكتروني لمشروع اسفير بنهاية العام باللغات الإنجليزية، والفرنسية والإسبانية.
وفيما يتعلق بمواكبة الوسائل التكنولوجية الحديثة، سيكون دليل اسفير متوفرا في شكل موقع إلكتروني مصغر وككتاب إلكتروني في وقت قريب. إضافة إلى ذلك، فقد اتخذنا الخطوات الأولى، بالتعاون مع خمس منظمات أخرى معنية بوضع المعايير الإنسانية، من أجل بحث سبل إتاحة المعايير على أجهزة التليفون الذكية والأجهزة المحمولة.
عندما بدأ مشروع اسفير منذ 15 عاما، كان مشهد العمل الإنساني يخلو تقريباً من معايير الجودة والمساءلة. بيد أن كل هذا قد تغير الآن. وقد قادت المعايير المتعددة ودرجة تعقيدها إلى رفع مستوى المهنية في أوساط المنظمات الإنسانية الفاعلة.
وعلى رغم أن المعايير وحدها لا يمكن أن تكفي لتحقيق الجودة والمساءلة إلا أنها هي الأساس. فمن دونها، لا يمكن الاتفاق على تعريف محدد لمعنى الجودة والمساءلة في العمل الإنساني.
أما مبادرة المعايير المشتركة فلها هدف بسيط يتمثل في التسهل على العاملين في المجال الإنساني التعرف على معاييرنا ووضعها موضع التنفيذ بما يفيد الأشخاص المتأثرين بالكوارث أو النزعات. هذا كل ما في الأمر.
نعتقد أنه يمكننا معاً تحقيق قدراً أكبر من الاتساق بين المعايير الإنسانية. فمنذ تموز/يوليو 2011 عندما التقى ممثلون عن المبادرات الثلاث من أجل تعزيز التعاون فيما بينهم انخرطنا في حوار لتحقيق هذا الهدف البسيط والطموح في ذات الوقت.
ولقد قمنا حتى الآن بنشر فريق مشترك لدعم جهود الجودة والمساءلة في القرن الإفريقي وأطلقنا بوابة إلكترونية مشتركة JointStandards.org حيث يمكن للعاملين في القطاع الإنساني الاطلاع على كافة المعايير الخاصة بنا في موقع واحد.
لقد التقت مجالس إدارة المبادرات الثلاث لأول مرة في أواخر نيسان/أبريل 2012 ونقوم حالياً باستكمال تفاصيل عملية تشاورية موسعة بين الجهات المعنية. ومن المقرر أن يتم عرض نتائج هذه المشاورات والمقترحات الرامية لتحقيق “مزيد من الاتساق” في منتدى بشأن المعايير الإنسانية يعقد في ربيع عام 2013.
لا يمكننا التنبؤ بخصائصها المحددة أو التغييرات التي ينبغي القيام بها. لكن من بين العوامل الحاسمة في هذه العملية هي التشاور مع الأطراف المعنية الرئيسية والاستماع إليها بما في ذلك العاملين الميدانيين في القطاع الإنساني. يُبني هذا على المبادئ التي شكلت مصدر قوة لمشروع اسفير وهي: حوار مستنير بخبرة فريق متخصص ونهج موثقة.
فنحن على قناعة بأن المعايير المتسقة والواضحة والسهلة الاستخدام تحظى بفرص أكبر للتنفيذ. وإذا ما تم تنفيذها فمن المفترض لها أن تُحدث فارقاً في حياة الأشخاص المتضررين من النزاعات والكوارث. وهذا هو السبب الذي جعلنا نطلق مبادرة المعايير المشتركة.
لن أنسى أبدا وجودي في غرفة التدريب في منظمة غير حكومية في بورما بعد وقت قصير من وقوع إعصار “نرجس” في عام 2008، حيث شارك عشرات من عمال الإغاثة الجدد الذين يفتقرون للخبرة لأول مرة في ورشة عمل بشأن المعايير الإنسانية.
وعندما سألت أحد المشاركين عن رأيه في التدريب، قال إن نظام التدريب كان مربكاً وإنه كان يفضل بدلاً من ذلك أن يقضي اليوم في توزيع الغذاء. عندها شعرت بأننا قد خذلناهم.
لقد نما عدد المعايير الإنسانية بشكل كبير منذ إطلاق مشروع اسفير. وكثير من تلك المعايير الآن في طور التنقيح الثاني أو الثالث، كما أن كل إصدار جري إثرائه بمزيد من الخبرات والدلائل لكي يعكس التطورات والتغيرات التي يشهدها القطاع. ونتيجة لذلك، أصبح المجال الإنساني أكثر خضوعاً للمساءلة ويقدم مساعدات ذات جودة عليا.
ومن ثم، هناك حاجة حقيقية تستدعي انتباهنا جميعاً، لوضع المعايير والمبادئ وهناك حاجة للتوصل إلى أساليب دينامية ومرنة لمواجهة التحديات الناشئة. هذا هو التحدي الذي نواجهه الآن، ونحن على قناعة بأن العالم يحتاج إلى معايير إنسانية- ومبادئ تقوم عليها- أكثر من أي وقت مضى.
دون استباق لنتائج العملية التي شرعنا فيها وأعني بذلك مبادرة المعايير المشتركة، أعتقد أن العناصر الأساسية التي أسهمت في إنجاح مشروع اسفير سيكون لها دور مستقبلي مهما كانت الصورة التي ستأخذها المعايير ” الأكثر اتساقا”.
لقد حظي الميثاق الإنساني بمكانة خاصة في عقل المجتمع الإنساني. كما أن المعايير الدنيا الخاصة بالماء والغذاء والمأوى والصحة، تعكس حكمة جماعية للقطاع الإنساني بأسره، والأمر ذاته ينطبق على المعايير الأساسية الخاصة بالعمليات والناس ومبادئ الحماية. ولقد أصبحت السمات المميزة لاسفير، التي تتمثل في العملية التشاورية والنهج القائم على الأدلة، سمة لمعظم المعايير داخل القطاع الإنساني.
أعتقد أنه من المبكر جداً في الوقت الحالي التكهن بأي انعكاسات أبعد من ذلك.
ورغم أن مبادرة المعايير المشتركة تمثل وجهات نظر متنوعة، إلا أننا نؤكد معاً على أن الهدف من هذه العملية هو صون حقوق الأشخاص المتضررين من الكوارث أو النزاعات بأفضل صورة ممكنة. وفقا للميثاق الإنساني، لهؤلاء الناس الحق في الحياة بكرامة والحق في الحصول على المساعدة الإنسانية والحق في الأمن والحماية. وهذا هو ما يجمعنا.
هل هناك تطورات جديدة فيما يتعلق بمكتب مشروع اسفير؟
لقد أكد مجلس الإدارة في آخر اجتماع له، عقد في جنيف في نهاية شهر نيسان/أبريل 2012 الدور المركزي الذي يضطلع به مكتب مشروع اسفير وأعرب عن رضاه عن العمل الذي يتم إنجازه.
لأن اتفاق الاستضافة بين مشروع اسفير والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر سوف ينتهي في نهاية هذا العام، فإن مجلس إدارة مشروع اسفير يعكف على ترتيب اتفاق استضافة جديد مع منظمة أخرى في جنيف.
ويعني ذلك أن مكانة وموقع مكتب مشروع اسفير لن يتغيرا. ذلك أن المنظمة المستضيفة سوف تقدم مظلة قانونية وكذلك مالية إضافة إلى الخدمات الأخرى اللازمة لتشغيل المكتب.
لقد استضاف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر مكتب مشروع اسفير على مدار أكثر من 15 عاماً ما يضع الإتحاد محل تقدير بالغ من قبل كافة مجلس المنظمات الأعضاء. ولسوف يظل التزام الاتحاد الدولي تجاه مشروع اسفير ثابتاً دون تغيير. ونحن نتطلع إلى مواصلة العمل معاً.